الاستثمار الآمن في تركيا

الاستثمار الآمن في تركيا
    يجمع بين المشاريع التجارية والقانون علاقة وثيقة، مجلة الدانة التقت بالأستاذ المحامي محمد عاكف جان، صاحب مجموعة أجواد المختصة بالاستشارات القانونية والاستثمارات العقارية، وحدثنا عن قانون الاستثمار وتعديلاته الأخيرة في تركيا.
    يستثمر العديد من رجال الأعمال العرب ومنهم القطريين في تركيا، هل من تسهيلات خاصة، وماهي أكثر القطاعات التي تجذب الأشفاء في دولة قطر للاستثمار في تركيا.؟
    كما نعلم الموقف المشرف الذي اتخذته دولة قطر في الأزمة الأخيرة لليرة التركية من خلال ضخ 15 مليار دولار كاستثمارات مباشرة في إسطنبول وباقي المدن التركية، ساهم برفع قيمة الليرة التركية في الأسواق العالمية. وفي المقابل، العلاقات الاقتصادية بين قطر وتركيا ازدهرت بشكل كبير خاصة خلال الفترة الأخيرة سواء حجم التبادل التجاري أو استثمارات رجال الأعمال القطريون والأتراك في كل من الدوحة وإسطنبول. وبالتالي، تركيا تقدم كل التسهيلات لرجال الأعمال القطريين الذين يعدون أصدقاء لتركيا مثل منح المستثمر القطري بطاقة “تركواز”، التي تمنحه حق العيش في تركيا بكل أريحية، والعديد من الحقوق أبرزها الاستثمار في أي قطاع يريد. ومن الجدير بالذكر أن أكثر القطاعات التي تجذب المستثمرين القطرين في تركيا هي الاستثمار العقاري الذي يعتبر سوقا مضمونا خاصة في ظل النمو الواضح في تركيا.
    بالنسبة لكم، ما هي الأسباب التي تدفع المستثمرين العرب والأجانب لتشغيل أموالهم في الاستثمار العقاري في تركيا؟
    في السابق كانت فرصة الاستثمار بالنسبة للأجانب شبه مُنعدمة بسبب العديد من الأمور مثل تعقيد العملية الاستثمارية وارتفاع الضرائب. لكن الحكومة التركية عملت على تسهيل الأمور وتحسين مجال الاستثمار بشكل عام و خاصة الاستثمار العقاري في تركيا من خلال منح العديد من المميزات والفرص الاستثمارية المتاحة مثل التخفيضات الضريبية، ومجموعة من التعديلات القانونية التي ألغت القيود على المُستثمرين الأجانب، وساعدت بشكل كبير على تشجيع الاستثمار الأجنبي و خاصة للعقارات داخل تركيا، وعلى سبيل المثال لا يحتاج المستثمر سوى لمدة قصيرة جدا لإنشاء شركته التجارية. بجانب العديد من العوامل الطبيعية مثل التعداد السكاني، الموقع الاستراتيجي، القوة العاملة المؤهلة، البنية التحتية العالية.
    كيف نشرح للمستثمرين الأجانب أبرز التعديلات التي تم اقرارها من قبل الحكومة التركية بالنسبة لقوانين الاستثمار في تركيا وكيفية الاستفادة منها من أجل الحصول على الجنسية التركية؟
    كما هو معلوم؛ فقد قلصت الحكومة التركية الحد الأدنى المطلوب للاستثمار في البلاد من الأجانب للحصول على الجنسية التركية وفقا للتعديلات الأخيرة على القوانين التي سُنت في 19 سبتمبر/أيلول 2018. وبالتالي، انخفضت القيم الحدية لأنماط الاستثمارات المختلفة اللازمة للحصول على الجنسية إلى ربع أو سدس الحدود الدنيا السابقة مثل الحد الأدنى للاستثمار في قطاع العقار انخفض من مليون دولار إلى 250 ألف دولار ولا يجوز نقل أو تحويل أو سحب الاستثمار لمدة ثلاث سنوات، الحد الادنى لإيداع مبالغ في حساب بأحد البنوك التركية انخفض من ثلاثة ملايين دولار أميركي إلى خمسمئة ألف بشرط عدم سحب المبلغ المودع لفترة لا تقل عن سنوات، وبالنسبة لحدود توظيف المواطنين الاتراك انخفض من مئة موظف إلى خمسين على الأقل وحدود شراء السندات الحكومية انخفض ثلاثة ملايين دولار الى خمسمئة الف. ومن الجدير بالذكر أن من يرغب في الاستفادة من الفرص المتاحة في ضوء التعديلات الأخيرة، يتعين عليه الدخول في استثمارات جديدة. ذلك أن أي استثمار حدث قبل 19 سبتمبر/أيلول 2018 لا يندرج تحت نطاق التعديلات الأخيرة.
    ما هي أبرز ميزات التعديلات الجديدة لقوانين الاستثمار بالنسبة للمستثمرين الأجانب في تركيا؟
    لا تشترط التعديلات الجديدة الاستثمارَ في نوع محدد من العقارات. وبالتالي، المستثمر الأجنبي يمتلك حرية القرار في استثمار أمواله من خلال تشكيلة عريضة من الخيارات مثل المساكن والأراضي والمباني التجارية وغيرها. وفي ذات السياق، يستطيع المستثمر شراء العقار بناء على المخطط الهندسي، أو من المشاريع قيد التنفيذ التي تتداول بأسعار مخفضة بشكل كبير، مما يتيح للمستثمر خيارات فعالة من حيث التكلفة. بينما تستفيد مشاريع المستثمر الأجنبي من حُزَمِ الحوافز وخطط الإعانات المالية التي تقدمها الحكومة التركية، يستطيع المستثمر الأجنبي التقدم بطلب الحصول على الجنسية التركية عبر الاستثمار العقاري بعد إثبات عقد الملكية والبيع المصدق عند كاتب العدل ومنحها لزوجته وابنائه الذين تقل اعمارهم عن 18 عاما.
    كيف أثرت التعديلات الاخيرة على الاستثمار في القطاع العقاري وعلى الاقتصاد التركي، وماهي جنسيات المستثمرين وأين تتمركز استثماراتهم؟
    سُنت التعديلات المشار إليها آنفا في خضم حاجة تركيا المتزايدة لتدفق الرساميل الأجنبية إلى البلاد، وهو ما أحدث توجُّها إيجابيا للغاية لدى السلطات المحلية وصناع القرار تجاه مقدمي طلبات الاستثمار ويقيناً؛ فإن هذا التوجه لن يكتفي بإزالة العقبات الإجرائية والبيروقراطية التي تعترض المستثمرين الأجانب، بل سيجعل عملية إنجاز معاملاتهم تجري بسلاسة وبالسرعة المطلوبة. وفي الوقت الراهن؛ يتم البت كل أسبوع في عشرات الطلبات للحصول على الجنسية التركية عن طريق الاستثمار. وقد تجاوز العدد الإجمالي للطلبات المقدمة حتى الآن ألف طلب وطبقا لبيانات معهد الإحصاءات التركي؛ فقد وصلت مبيعات العقارات لمستثمرين أجانب نسبة 78.30% في عام 2018 مقارنة بـ2017. ومما لا شك فيه أن العامل الرئيسي وراء هذا الارتفاع المذهل في المبيعات هو الإقبال مؤخرا على الحصول على الجنسية التركية من خلال قوانين الاستثمار ففي إسطنبول وحدها -التي تعد الوجهة المفضلة للمستثمرين الأجانب- اشترى الأجانب زهاء 15 ألف مسكن. وتأتي بعد إسطنبول -في قائمة الوجهات التي تتصدر الاستثمار في العقارات- مدنٌ مثل أنطاليا وبورصة وأنقرة ويالوفا. فعلى سبيل المثال تخطت مبيعات العقارات في يالوفا نسبة 90 بالمئة. وتتنوع السمات الخاصة بالمستثمرين الأجانب بشكل كبير؛ فبينما ينحدر القسم الأكبر من المستثمرين الأجانب من بلدان الشرق الأوسط (مثل قطر والعراق ومصر وإيران والسعودية واليمن والكويت)؛ يبدو اهتمام الأجانب من دول أخرى كبيرا أيضا. فالروس مثلا اشتروا أكثر من ثلاثة آلاف منزل في عام 2018.