صناعة الطيران المدني في دولة قطر .. إجراءات وخطط نحو مستقبل مستدام بيئياً واقتصادياً لقطاع النقل الجوي

صناعة الطيران المدني في دولة قطر .. إجراءات وخطط نحو مستقبل مستدام بيئياً واقتصادياً لقطاع النقل الجوي
    في الوقت الذي يشهد فيه العالم اتجاهاً ملحوظاً نحو اعتماد مفهوم الاقتصاد المستدام الذي يراعي البعد البيئي في تحقيق التنمية الاقتصادية، واستخدام الموارد الطبيعية والحفاظ عليها للأجيال القادمة، ترسم دولة قطر طريقها نحو توجيه الأنشطة والموارد المتاحة لاستكمال مسيرة استدامة الازدهار الاقتصادي للدولة، وذلك انطلاقاً من إدراكها بأن تحقيق التنمية لا يمكن أن يستمر طويلاً ما لم تتم إدارة الموارد الطبيعية بطريقة فعالة. وترجمت دولة قطر ذلك في كافة خططها الاستراتيجية وفي رؤيتها الوطنية ٢٠٣٠ بأبعادها الأربعة التي أولت فيها للبعد البيئي أهمية موزاية للأبعاد الثلاثة الأخرى الاقتصادية والاجتماعية والبشرية، وذلك من خلال العمل على الاستفادة من موارد النفط والغاز والطلب العالمي المتزايد على هذه الطاقة، ودعم القطاعات الإنتاجية غير النفطية بهدف زيادة مساهمتها في الاقتصاد الوطني، مع الالتزام بحماية البيئة والمياه والطاقة والأمن الغذائي من خلال الاستثمار في مجالات الأبحاث والتطوير ومشاريع الطاقة النظيفة، وتعزيز مفاهيم الاستدامة في المباني الخضراء والمنشآت والبنية التحتية والتمويل الأخضر، لضمان الحفاظ على كفاءة الأداء الاقتصادي وجودة الحياة على كافة المستويات المحلية والإقليمية والدولية.
    كما كرست الدولة ضمن استراتيجية التنمية الوطنية الثانية لقطر (‪٢٠١٨-٢٠٢٢‬) ركائز بناء اقتصاد مستدام قائم على إيجاد أنماط استهلاك وإنتاج مستدامة وتحفيز مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني وتنمية القطاعات الاقتصادية غير النفطية.
    وفيما يتعلق بقطاع صناعة الطيران المدني وضعت دولة قطر خططها نحو مستقبل مستدام بيئياً واقتصادياً، من خلال دعم قيادة (ايكاو) في مواجهة التحدي الأكبر ألا وهو موضوع تغيّر المُناخ الذي يعتبر قضية عالمية تتأثر وتؤثر على هذا القطاع.
    وفي هذا الاطار تعمل الهيئة العامة للطيران المدني عن كثب مع جميع أصحاب المصالح والشركاء الاستراتيجيين في قطاع الطيران المدني بالدولة، لتحقيق ومواكبة أهداف رؤية قطر الوطنية ٢٠٣٠، وذلك بالتماشي مع سياسات وممارسات (ايكاو) ومنظومة الأمم المتحدة لحماية البيئة، من خلال مساهمة (ايكاو) في ١٤ هدفاً من أصل ١٧ هدفاً من أهداف التنمية المستدامة التي حددتها الأمم المتحدة (UN)، والتي بدأ تطبيقها فعلياً منذ العام ٢٠١٥ حتى العام ٢٠٣٠.
    وفي هذا الصدد أيضاً، وانطلاقاً من المسؤولية الدولية، تستمر دولة قطر بالالتزام التام بأهداف اتفاقية باريس للمُناخ التي وقعت في العام ٢٠١٥.
    كما كان لدولة قطر مشاركة بالغة الأهمية من خلال المناقشات البيئية التي نظمتها (ايكاو) لتسهيل اعتماد الخيار الأفضل والأول من نوعه للتدابير العالمية القائمة على آليات السوق بشأن الانبعاثات الكربونية الناجمة عن أنشطة الطيران المدني ضمن الرحلات الدولية، إلى جانب مشاركتها بفعالية في دعم الجهود الدولية والإقليمية لمساندة تنفيذ مبادرة منظمة الطيران المدني الدولي المتعلقة بخطة التعويض عن الكربون وخفضه في الطيران الدولي (كورسيا).
    وحول ذلك أكد سعادة السيد عبدالله بن ناصر تركي السبيعي رئيس الهيئة العامة للطيران المدني، أن الهيئة تراعي من خلال سياساتها في مجال حماية البيئة التخفيف من الآثار البيئية الناجمة عن أنشطة صناعة الطيران المدني في دولة قطر، بهدف تحقيق نمو فعّال، وآمن، ومستدام اقتصادياً، ومسؤول بيئياً في مجال الطيران المدني، يتماشى مع أهداف الرؤية الوطنية ٢٠٣٠ في دولة قطر بأبعادها الأربعة، الاقتصاد، والبيئة، والمجتمع، والتنمية البشرية”.
    وعلى الصعيد الوطني، دأبت دولة قطر على دمج الإجراءات الفنية والتشغيلية التي اتخذتها الهيئة العامة الطيران المدني بغرض تحقيق الهدف العالمي لتحسين كفاءة استهلاك الوقود بنسبة ٢٪ سنوياً. كما تقوم الهيئة إلى جانب دورها المهم في نشر الوعي البيئي، بهيكلة وتطوير خطة عمل طوعية للدولة في مجال حماية البيئة من آثار أنشطة الطيران المدني، والعمل على اتخاذ إجراءات ملموسة لتعزيز نشر أنواع وقود الطيران البديلة والمستدامة، من خلال استصدار اللوائح، وتشريع القوانين الجديدة، وإصدار الشهادات والتمويل والبحث والتطوير، وذلك على المستوى الدولي والمحلي. (راجع المادة (١٨)، الفقرة ٩ من القرار الأميري ٢٠١٨/٦٦: إعادة تنظيم الهيئة العامة للطيران المدني في دولة قطر).
    أما على الصعيد الإقليمي وبصفتها عضواً رائداً في المكتب الإقليمي لمنظمة الطيران المدني الدولي (ايكاو)، تعمل الهيئة عن كثب مع جميع الجهات المعنية في الشرق الأوسط من أجل الحد من انبعاثات الطيران الدولي. وتلتزم قطر بخفض هذه الانبعاثات من خلال زيادة كفاءة الملاحة الجوية، كما أنها تخطط لوضع تدابير إضافية لتنفيذ هذه الأهداف كعناصر أساسية لرسالتها في المنظمة العربية للطيران المدني بصفتها عضواً فعّالاً، ونائباً لرئيس لجنة البيئة في المنظمة لدورة نوفمبر ٢٠١٨- نوفمبر ٢٠٢٠.