شاب فلسطينى وشقيقته ينتجان المحاصيل بـالزراعة المائية

الزراعة المائية
تنقل الأخوان أبو دقة من البطالة إلى فئة أصحاب المشاريع
شاب فلسطينى وشقيقته ينتجان المحاصيل بـالزراعة المائية
عبدالله عمر
لم ينتظر الأخوان عازم وصفية كثيرا ليتخذا أهم قرار في حياتهما، فبعد تخرجهما من كلية الزراعة بجامعة الأزهر في غزة، اختار الشقيقان عملا في مجال تخصصهما في مبادرة شخصية منهما، هروبا من شبح البطالة متخلفين عن طوابير المنتظرين للوظائف الحكومية التي لا تأتي.
المهندسان الزراعيان عازم أبو دقة ( 27 عاما) وشقيقته صفية (25 عاما)، امتلكا الجرأة والشجاعة لافتتاح مشروع المزرعة المائية الهيدروبونيك”، وهي عبارة عن الزراعة باستخدام أنابيب مائية لا تحتاج إلى تربة، الأولى من نوعها في غزة، ليشكل عملهم الجديد التحدي الأكبر في حياتهما.
تخرجا أبو دقة من كلية الزراعة، وأيقنا أن انتظار فرصة عمل في ظل الحصار المفروض على قطاع غزة سيكون ضربا من المستحيل وان التفكير خارج الصندوق هو الحل الوحيد ليبدأ حياتهما، ويحققا حلمهما، ويعملا في مجال تخصصهما، وهو ما كان بفضل المشرع الوليد.
ومع بداية المشروع كانت الأولوية لدينا هو وضع نظام ألي للري، وكانت أولى النتائج بعد أربع أشهر من بداية المشروع وكانت مشجعة للمتابعة والاستمرار، ومع المتابع الجيدة مني ومن شقيقتي تمكنا من تدوين كل الملاحظات التي تساعدنا على تجاوز كل العقبات في المستقبل.
اختيار الزراعة المائية لتكون تخصص مزرعتهما لم يكن عشوائيا، فهو مشروع صديق للبيئة، فتقنية الهيدروبونيك آمنة على المزروعات بشكل كبير،ويحمل كثير من المزايا الأخرى، وعن هذا يوضح عازم: فكرة الزراعة المائية، جاءت لنا بعد دراسة أجريناها على واقع الزراعة في قطاع غزة، وما اكتشفناه أن هناك كثافة عالية في ملوحة المياه المستخدمة في المنطقة الساحلية المحاذية للبحر المتوسط، ، وقلوية التربة أيضا، وهذه عوامل تؤثر بشكل كبير في جودة المنتجات الزراعية، وللتغلب عليها كان الحل الأمثل استخدام زراعة لا تعتمد على التربة، وساهم في استثمار 90% من الماء المستخدم في الري بعد إعادة تدويره، نظراً لوجود خط راجع للمياه بحيث يعود لنفس المكان الذي جاءت منه المياه وهو (البرميل).
وتشارك المهندسة صفية بالحديث عن المشروع قائلة: الزراعة المائية موفرة بشكل كبير وهي بالتالي تقليل تكاليف المحاصيل الزراعية، لأنها تعتمد على الأسمدة السائلة والوسط المائي، حيث تستخدم أقل من 20% من الأسمدة الكيماوية وبعيدة عن المبيدات الزراعية المضرة بصحة الإنسان.
ولفت أبو دقة، أن هذه الزراعة تتميز كذلك بتوقيت الإنتاج والنمو حيث أن الزراعة العادية تمكث من (60-80 يوم) أما المائية ففقط (35 يوماً)، حيث تنمو المحاصيل بمعدل أسرع مرتين في الزراعة المائية، حيث توفر بيئة محكومة ، وتضاعف الإنتاجية، فمساحة 200 متر مزروعة مائياً تعادل مساحة زراعة طبيعية 1000 متر،
ولكن الأخوان يعترفان ان الزراعة المائية ليست مزايا مجردة إنما هناك جانب من السلبيات في واقع كالذي يعيشه السكان في قطاع غزة المحاصر، وذلك يتمثل في ارتفاع التكلفة الأولية للإنتاج والتي قد تصل لـ16 ألف شيكل، خصوصا أن الإنتاج الحالي يتركز على المحاصيل الورقية في انتظار الوصول إلى منتجات أخرى مثل الفلفل والطماطم.
وتعتبر الزراعة المائية حديثة العهد في فلسطين فبعد أن ظهرت مطلع عام 2016 في بلدة يعبد في الضفة الغربية، كانت تجربة الأخوين أبو دقة الأولى في قطاع غزة، في انتظار انتقالها إلى أماكن أخرى كثيرة بعد سجل النجاحات التي حققتها.
لم تكن البداية سهلة وفقا لصفية التي تشرح العقبات التي واجهاها فتقول: كان إيجاد الداعم هو العقبة الأكبر، وبعد توفير كل الاحتياجات جاء دور اختيار مساحة معقولة للزراعة، في بلدة خزاعة شرق مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، ومن ثم إيجاد طريقة استخراج مياه من جوف العارض، ولان المشروع هو الأول من نوعه كان لابد لنا من اعتماد طريقه التجربة وما تحمله من احتمالات النجاح والفشل، حتى وصلنا إلى أفضل طريقة لتركيب النظام الأكمل للمشروع داخل الدفيئة الزراعية.
من ضمن الصعوبات التي واجهت الأخوان، قلة الخبرة بهذا النوع من الزراعة في قطاع غزة، فاضطرا للتواصل مع أشخاص من الخارج لإفادتهما بالموضوع، ومنع دخول بعض المواد من الجانب الإسرائيلي مما دفعهما إلى البحث عن بدائل محلية أعلى بالتكلفة واقل في الجودة.
وبعد انجاز المرحلة الأولى حصل الأخوين على أول دعم من قبل جمعية إنقاذ المستقبل الشبابي بالشراكة مع مؤسسة إنقاذ الطفل الدولية وتمويل التعاون الألماني BMZ لدراسة كيفية تعزيز التكيف واستعادة الإنتاجية الزراعية، بعد اقتناعهم بان المشروع هو استثمار التكنولوجيا الخضراء، يخدم البيئة، ويفتح باباً للرزق للأفراد المساهمين.
اكبر مزرعة مائية في فلسطين هو الحلم الذي يراود الأخوان أبو دقة، فقد افتتحا نواة المشروع بمساحة 200 متر دفيئة وإنتاج يعادل مساحة 1 دونم حقل مفتوح، حيث يقومان بزراعة الخس في الوقت الحالي.